الأربعاء، 31 يوليو 2019

مشاركة أعجبتني (( حمزة رستناوي )) .. القرآن كتاب هداية و إرشاد للطريق المستقيم فقط .

القرآن ليس دستوراً بل هو كتاب عقيدة .


( "الله " غايتنا ... الرسول قدوتنا ..القرآن دستورنا .. الجهاد سبيلنا .. والموت في سبيل الله أسمى أمانينا ) " هذا هو النص الكامل للشعار الذي وضعه حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين , وقد قام بشرحه فيما يسمى بالأصول العشرون لفهم الإخوان المسلمين للإسلام . و لقد احتلّ هذا الشعار حيزاً مهما في كتابات و خطب كبار منظري الإخوان المسلمين كالشيخ يوسف القرضاوي وسعيد حوّى و"غيرهم " و قد جرى استخدام هذا الشعار الجذاب جماهيرياً في الانتخابات الرئاسية المصرية من قبل محمد مرسي حيث صرح في اجتماع انتخابي : ( القرآن دستورنا ) وقادرون على تطبيق الشريعة الآن . , و كذلك من قبل حركة حماس حيث هتف نوابها بهذا الشعار في جلسة المجلس التشريعي لمنح الثقة لحكومة إسماعيل هنية , وكذلك الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر قبل انقلاب العسكر 1992 على نتيجة الانتخابات , و لقد تجاوز استخدام الشعار تيار الإخوان المسلمين إلى بقية تيارات الإسلام السياسي , و خاصة السلفية الجهادية مع التركيز على مقولة الجهاد العنفي .

• القرآن الكريم كتاب عقيدة توحيدية يسعى في سبيل الهداية والاعتبار إن أحسن فهمه , فهو كتاب دين , أما الدستور فهو وثيقة تحدد القواعد الأساسية للدولة ونظام الحكم فيها واختصاص السلطات .. إلخ . فالقرآن الكريم يقع في اختصاص الأديان أما الدستور فيقع في اختصاص السياسة .و في ذلك يمكن تبين العديد من الفروق والاختلافات بينهما :
1/ أولاً : لغة الوثائق السياسية والقانونية هي لغة توصيفية دقيقة لا تحتمل المجاز والاستطرادات والقصص والإيقاع اللغوي , بينما لغة الوثائق العقائدية الدينية بما فيها القرآن تشحذ النفس , وتحتفي بالعجائبي , ذات جرس موسيقي , غنية بالمجاز , تؤكد القيم الأخلاقية عبر إشارات عامة .

2/ ثانياً : القرآن هو خيار إيماني يقوم على الحرية والاقتناع و طمأنينة الفرد للمعتقد , بينما الدستور هو مرجعية سياسية توافقية مجتمعية ملزمة للأفراد وىالتمثيلات السياسية .

3/ ثالثاً: الدستور الحقيقي يساوي بين المواطنين بغض النظر عن عقائدهم و مذاهبهم وطوائفهم في الوطن الواحد , بينما القرآن الكريم يميز بين المؤمنين وغير المؤمنين من أبناء الوطن الواحد , فهناك منافقين وهناك مشركين , وهناك فاسقين , وهناك أهل الكتاب ... إلخ , وهذا التمييز مفهوم تماماً لكونه قائماً على أساس عقائدي , والعقيدة – أي عقيدة – هي بطبيعتها تقوم على أساس التمييز بين المؤمن والكافر بها .

4/ رابعاً : النبي محمد بعد أن هاجر إلى يثرب وضع ما يسمى تاريخياً بصحيفة المدينة ,لينظم العلاقة بين المسلمين وغيرهم من قاطني المدينة , ولم يعتمد القرآن كمرجعية ملزمة للجميع . إن لغة وثيقة المدينة هي أقرب إلى لغة الدستور والوثائق السياسية تحتوي على حقوق وواجبات والتزامات .. إلخ و أسلوبها ولغتها لا تشبه القرآن .

5/ خامساً :في بلد متعدد الطوائف والمذاهب الدينية كلبنان و نيجيريا وماليزيا مثلا ما النتيجة المتوقعة من شعار ( الله غايتنا .. الرسول قدوتنا .. القرآن دستورنا ..الجهاد سبيلنا .. الموت في سبيل الله أسمى أمانينا )؟؟؟ والإجابة ليست تخميناً أو افتراضاً بل يمكن تلمسها من الواقع القريب .

6/ سادساً : على سبيل المثال إن نظام ولاية الفقيه في إيران , وحزب الله الشيعي في لبنان , وميليشيا عصائب أهل الحق في العراق , ليس لديهم أدنى اعتراض على شعار ( الله رسولنا .. الرسول قدوتنا ..القرآن دستورنا ..الرسول زعيمنا ..الجهاد سبيلنا .. والموت في سبيل الله أسمى أمانينا ) و لكنهم يفسرونه بطريقتهم وفق توظيف سياسي معين ! و كذلك كلا من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام و جيش الإسلام و جبهة النصرة ليس لديهم أدنى اعتراض على الشعار ( السابق) . فماذا كانت النتيجة ؟؟

7/ سابعاً :دستور أي دولة في العالم يحدد طبيعة النظام السياسي فيها , هل هو ملكي أم جمهوري هو هو شمولي أم ديمقراطي , هل هو رئاسي أم برلماني ؟ أنصار نظرية القرآن دستورنا ليس لديهم إجابة محددة في نصوص القرآان على هكذا تساؤلات ! وهذا لا ينقص من شأن القرآن بل ينقص من شأن تفكيرهم , إن دستور أي دولة في العالم يحدد أشكال واختصاص السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية , ولكن أنصار نظرية القرآن دستورنا ليس لديهم أدنى إجابة في نصوص القرآن على هذا السؤال ! , إن عبارات قرآنية من قبيل ( وأمرهم شورى بينهم) , و(شاورهم في الأمر )لا تصلح لأن تكون نصوصاً دستورية أو قانونية فهل الشورى خاصة بالمسلمين أم جميع المواطنين ؟ وهل الشورى ملزمة أو غير ملزمة و ما حدود إلزامها ؟؟ من الذين يشاورهم ؟ .. إلخ . إن عبارة ( وشاورهم في الأمر ) المخاطب بها النبي محمد وليس غيره , وهذا كامل سياقها ( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فضاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر" ( آل عمران 159 ) وقد جاءت الآية بمثابة نصائح عامة في السلوك الإنساني ةأخلاق بعينها .وكذلك عبارة ( وأمرهم شورى بينهم )فسياقها عقائدي ديني يتحدث عن الصلاة والصدقة .. وهذا كامل سياقها " والذين استجابوا لربهم وأقامو الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون "(الشورى 28) وقياساً على ذلك فيجب ألا يستغرب جماعة " القرآن دستورنا " أن يكون بيت الشعر المنسوب لبشار بن برد :
إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن .. برأي لبيب أو نصيحة حازمِ .
مادة دستورية كذلك ! يمكن أن نتوقع أحد أنصار الإسلام السياسي يجادل في الآية التالية " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأؤلئك هم الكافرون "( المادة 44 ) تفيد أن القرآن هو دستور ! ولكن بإلقاء نظرة سريعة على الآية السابقة (43 ) : " كيف يحكمونك و عندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك وما أؤلئك بالمؤمنين " نجد أن المخاطب بها يهود يثرب وليس جماعة المسلمين أصلاً , وقد لا يحتمل المقال الدخول في نقاش تفصيلي حول أمثلة أخرى .

القول بأن القرآن الكريم هو دستور يعني فهماً معيناً للقرآن , وكل فهم هو بشري تاريخي ونسبي , وقد نسب إلى علي بن أبي طالب قديماً القول : " لا تخاصمهم بالقرآن , فإن القرآن حمال أوجه " , ونسب له كذلك القول " هذا القرآن إنما هو خط مسطور بين الدفتين لا ينطق بلسان ولابد له من ترجمان ,ولا ينطق بل ينطق به الرجال " , ومشهور ما حدث في قضية التحكيم بين علي و معاوية , وكلاهما يستندان إلى ذا المرجعية القرآنية ! فهل من داع لإدخال القرآن الكريم في سوق المزايدات السياسية وإعادة نتاج معارك الجمل وصفين , إن شعار ( القرآن دستورنا ) هو شعار مهدد للسلم الأهلي , كل من يطرحه ويقوم بإستخدامه سياسياً هو يفترض نفسه وصياً على شؤون القرآن , وهو يحتكر كلمة الله سبحانه وتعالى ويستخدمها في صراعه مع الخصوم ولعبة السلطة , والأمر أبعد ما يكون عن البراءة والتقى , ولقد انتبه بعض الإسلاميين المنشقين عن التيار التقليدي للإسلام السياسي لخطورة مثل هذا الشعار و إمكانات استثماره سياسيا بشكل سلبي , فألف السعودي علي الرباعي كتابا بعنوان " القرآن ليس دستورا " . ورأى أن رفع شعار ( القرآن دستورنا ) هو للمقايضة والمزايدة , فالدستور عمل بشري بينما القرآن هو كلام الله . "

حمزة رستناوي . 


*********************************************************************

قلتُ : مقال رائع أعجبني واحتفظت به فهو من أجود ما قرأت في هذا الباب , و لا بأس من تدوين بعض الملاحظات .

الملاحظة الأولى : أحسن الكاتب في التفريق بين اللغة الكتابية القانونية ( العلمية ) الدقيقة الخاصة بالدستور واللغة الأدبية الرفيعة الخاصة بالنصوص الأدبية ؛ لاحتمالها على المجاز .

الملاحظة الثانية : من إشكالات القضية كما ذكر في حديثه عن الجانب الأدبي في النص ( الاستطرادات) ويكمن إضافة جانب بلاغي مهم آخر وهو الإيجاز حيث إن اختصار النص قضية أخرى , وتزيد الفرق مع النص العلمي القانوني ( بالتضاد ) إيضاحاً .

الملاحظة الثالثة : قوله ( 2/ ثانياً : القرآن هو خيار إيماني يقوم على الحرية والاقتناع و طمأنينة الفرد للمعتقد , بينما الدستور هو مرجعية سياسية توافقية مجتمعية ملزمة للأفراد وىالتمثيلات السياسية .) وهذا ينطق على البلدان ذات التنوع في مجتمعاتها . فهو خيار إيماني بالتضاد مع النص القانوني الملزم .

الملاحظة الرابعة : تكرار الشعار الخاص بالجماعة تلميح لخصومة مبطنة مع تيار الإسلام السياسي, ويصح ( بلاغةً ) الإشارة إليه ( الشعار السابق , المشار إليه سابقاً ) . فالتكرار رسالة ترمي لعكس ما أشار إليه الكاتب , وبلاغة من حشو القول ( يصح حذفه ) ويكتمل المعنى بدونه . وغني عن الذكر أن التفريق بين الوصف القانوني والأدبي كافٍ لحيادية الكاتب .

قلت : هذا المقال من جيد ما قرأت ونقلت , فهو كقول الشاعر : يزيد وجهه حسناً ,, إذا ما زدته نظراً وهو تقدمي في هذا الباب يعالج قضية مستقبلية ( ربما تكون قادمة , من يدري ؟؟ ).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق