الاثنين، 12 أغسطس 2019

قراءة في كتاب دروس التاريخ .. د / محمد العبدة .


دروس التاريخ ...

د. محمد العبدة



مكتبة الكوثر .. ط1 1438 هـ 2017 .











-       هل يعتبر الناس من قراءة التاريخ ؟  سؤال يبدأ الحديث عن كتاب  اقتنيته عشوائياً من المكتبة  ( بثمنٍ بخس دراهم معدودة ) .





الحديث واضح من عنوانه ( دروس التاريخ ) يشرح بها المؤلف ( د. محمد العبدة ) دروساً تاريخية يمكن عدها  داخل الكتاب .

استند إلى التاريخ الإسلامي بصوره المتنوعة (  و خصوصاً التاريخ الحربي  ) لشرح معضلة هل استفاد المسلمون من تاريخهم  , مستشهداً بالآية القرآنية " إنما يتذكر أولو الألباب "  ( الرعد : 19 ) .

و يذكر المؤلف أن القرآن الكريم وردت فيه قصص الأنبياء ؛ لأجل العظة والعبرة والاعتبار , و هي قصص تاريخية ,  (لقد كان في قصصهم عبرةٌ لأولي الألباب) (يوسف :111),و قال ( لنجعلها لكم تذكرةً و تعيها أذنٌ واعية ) (الحاقة :12).



فالتاريخ يتكرر  و يعيد إنتاج نفسه بصور أخرى ,  ويدعو المؤلف للنظر في العواقب  ويذكر بعضاً من الأمثلة للطغاة و المجرمين و ما حل بأقوام الأنبياء و عاقبة الاستكبار  ( فانظر كيف كان عاقبة المكذبين ) ( النحل : 36 ) .



استناد المؤلف للتاريخ الإسلامي ( يكفي من وجهة نظر المؤلف لتقديم الدرس التاريخي ). و هو ما يجب الإشارة إليه بالنظرة الكاملة للكتاب , فالقصص مستقاة من التاريخ الإسلامي .



( إن من حسن الحظ أن دروس الحياة لا تنقطع فالعاقل هو الذي يستفيد من  حادث الأمس الذي مرّ به آباؤه ليعالج حدث اليوم ) مختتماً به أول موضوع بالفصل الأول  .



-       أهمية التاريخ بادئاً به ( لأن دراسة التاريخ  تربطنا بمقومات الدين  واللغة والأخلاق ؛ فإذا هي لم تحفظ هذه الأشياء تكون الأمة عرضة للتأثير والتغيير ) .

-       يشير المؤلف ( د . محمد العبدة ) إلى التراث ككتلة واحدة فهو متصل العرى ( دين  ولغة و أخلاق ) , و التاريخ إنما حكاية هذا التراث , فالدارس للغة يلم بشيء من الدين و الأخلاق وكذلك الدارس للدين يلم باللغة  وهكذا يتصل الدارس للتراث ويلم به بشكل مجمل ذلك المتخصص بأي من تلك العلوم , أما التقسيم العلمي المنهجي المتخصص فلم يأتِ إلا لاحقاً , فعلى سبيل المثال ( فالبلاغة قامت على أكتاف تفسير القرآن الكريم )  و هي مثال واحد لشرح المسألة تاريخياً  ,  وكذلك اللغة التي تستند استناداً ( لقواعد القرآن الكريم ) في منطقها و ذلك في دراسة اللغة دراسة تراثية (  وهناك مناهج حديثة لدراستها  في استطراد )  فهي قصة تاريخية أخرى.  بنظر الكاتب هي معضلة قبل أن يقدم أي من الباحثين على دراسة  دروس التاريخ

فنحن أمام تراث  متصل العرى  ( و يحتاج لتأنٍ في دراسته ) لأن هالة القداسة أمام التاريخ هي مشكلة أخرى لأن المسألة أصبحت في غاية الإزعاج فهناك عوامل تاريخية و سياسية و ربما تكون دينية سببت المشكلة لدارس التاريخ .



للتاريخ جانبه المظلم فهو كالقمر بنظر المسلمين , " يزيدك وجهه حسناً إذا ما زدته نظرا " , و هي إعجاب " تاريخي " بتراث العرب والمسلمين  ولا يحجب الكاتب إعجابه بالتراث ( و بالطبع ليست عبارة علمية ).



ندرس التاريخ لنستفيد و نتعلم من المسألة التاريخية  فالمؤلف يقول ((إن لم تحفظ هذه الدروس تكون الأمة عرضة للتأثير والتغيير))



فدراسة التغيير  ( هي ما يطلبه المؤلف   من حديثه إجمالاً و بما يستشهد به من آيات قرآنية ) لنستفيد من تلكم الدروس .



 

-       و يضيف المؤلف نقلاً عن ابن خلدون – عن أهمية التاريخ - (( إذ هو في ظاهره لا يزيد عن أخبار الأيام والدول , و في باطنه نظر  و تحقيق و تعليل للحوادث ( الكائنات ) , وعلم بكيفيات الوقائع و أسبابها عميق )) .



-        وانشغل العرب بعلم التاريخ دراسةً و تأليفاً و تأريخاً كالطبري وابن إسحاق و ابن هشام .







درس التاريخ الأول بنظر المؤلف ( الاهتمام به ) و ذكر أن هناك عشرات من المؤرخين للتاريخ بشتى أنواعه ( والحضري  منه على وجه الخصوص هو ما ينقص أن يتعرف عليه المسلمون قبل الآخرين ) فالحضارة قامت  و استفادو من الشعوب الأخرى بالتعايش فهم استوعبوا اليهود والنصارى بل و أعدائهم التارخيين ( الفرس ).



من التاريخ الحضري الذي لابد من العناية به ( بناء المدارس , الطب المتقدم في عصره , بناء المدن , المكتبات العامة والخاصة , تاريخ المرأة  و العالمات منهنّ , أهل الحرف اليدوية ). أما تفصيل المؤلف لهذا التاريخ الحضري فهو مشكلة أخرى تحتاج لحل . فدارس التاريخ يدرس المشكلة من جوانب أخرى قبل أن يدرس التاريخ نفسه , (( فلديه مشكلة مع التاريخ صحيحه أم مزيفهُ ,  ولديه مشكلة مع التفاصيل فربما كانت مشكلة أمنية , و لديه مشكلة مع تقديس التاريخ فهم حماة و حراس مدافعون شرسون عن التاريخ لأجل أنه تاريخ ,  ويريد أن يقدم تلكم الدروس للقارئ و يجب أن يحل المعضلة أولاً )).





-         و الاهتمام به يعني دراسته دراسة جادة , فالكتاب – بنظر الكاتب – الذي يحوي دروساً تاريخية قد تم تحويره وتبديله و " غسله " و ذلك بمعلومات تاريخية تحتاج إلى دراسة و توثيق, في ابتذال للتاريخ وللمؤلف  وللقارئ الذين اجتمعوا على أهمية و دراسة التاريخ . و هي مشكلة أخرى ( أن التاريخ الذي يقدم لنا طريقاً مضاءاً نهتدي به في مسيرنا , قد تم تبديله و تحويره و غسله ) . أما الاهتمام بالتاريخ يعني إعادة وضعه ضمن العلوم الإنسانية المهمة في جامعاتنا  و مراكز أبحاثنا , فالقصة أن التاريخ يقدم دروساً تقليدية ( مكررة بنظر الكاتب ) و علينا أن نستفيد منها , فهي تاريخية " زمنية " و هي " تقليدية بمعنى أنها مكررة " , ولابد من الإشارة لهذه الغفلة , " فالأمم التي لا تقرأ تاريخها معرضة لإعادة إنتاجه لغير صالحها " ( نقلاً عن محمد جابر الأنصاري ( العرب و السياسة ) .





-       و من أهمية التاريخ يقول المؤلف (( و بسبب الغفلة عن أهمية التاريخ كتب الإمام السخاوي كتابه " الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ " أوضح فيه فضل هذا العلم وفوائده )) .



-       يضيف المؤلف شارحاً الآية القرآنية  (( تلك أمة قد خلت لها ما كسبت و لكم ما كسبتم و لا تسئلون عما كانوا يعملون )) ((134 البقرة )) .



-       (( خذو العبرة و امضوا في طريقكم الذي ينفعكم في الدنيا والآخرة )) في ذمٍ واضح لبعض الفرق الدينية التي لاتزال حتى يومنا هذا تسأل وتتجادل عن قصص تاريخية.



(( روي عن الحكيم الصيني كونفشيوس قوله " علمت تلاميذي التاريخ لكي يلهموا بالعظيم من أعمال الإنسان , و كي يجدوا في طبيعة البشر ما يكبح جماحهم ")).

(( و يقول هرنشو  " التاريخ مدرسة لتعليم البحث السياسي إذ من الصحيح نسبياً أن التاريخ سياسة الماضي ,  والسياسة  تاريخ الحاضر ,  والتاريخ مدرسة تعلمنا الحذر و استقلال الرأي و سجاحة الطبع " )) .



(( كروتشي  " و على الفيلسوف الذي يكتب التاريخ أن يكرس نفسه للكشف عن الأسباب والنتائج والارتباط في حوادث التاريخ" )) .

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق