الاثنين، 12 أغسطس 2019

القصة عند محمود تيمور .. محاضرة جامعية


محمود تيمور أديب مصري , عُرف بكتابة القصة القصيرة , والرواية , والرحلة , و  " النقد " الأدبي .



ولد أواخر القرن التاسع عشر في القاهرة , وتوفي عام 1973 , و حيث ولد ببيت علم وأدب . وكان أخوه ( محمد تيمور ) أحد الكتاب الذين أرسو القصة القصيرة الواقعية في الأدب العربي , مات محمد تيمور صغير السن .



·      جمع مؤلفاته ( محمد تيمور ) أخوه محمد ( ما تراه العيون ) .

·      عرف محمود تيمور بأنه أحد أعلام القصة القصيرة الواقعية , و بتأثره بالأدب العربي القديم , ( ألف ليلة وليلة ) خصوصاً . ولكنه لم يكتف بالأدب العربي , بل اطلع على الأدب الغربي ( الفرنسي ) على وجه الخصوص , و كان الأديب الذي ترك فيه أكثر الأثر هو القاص الفرنسي ( دي غي موباسان )

·      مر محمود تيمور بمرحلتين :

المرحلة التسجيلية : كان فيها حريصاً على وصف البيئة الشعبية في "المدن" والأرياف , وكان يهتم بإبراز شخصيات استثنائية , وهذه المرحلة  رغبته في تصوير النماذج الاجتماعية , والبيئة المحلية , ودفعته إلى أن يكتب الحوار  بالعامية المصرية .



·      المرحلة التسجيلية : وبهذه المرحلة يبتعد عن تصوير الخارج ويهتم بتصوير الباطن محاولاً النفاذ إلى النفس البشرية في عواطفها و أفكارها  ومواقفها , فلم يعد يسعَ إلى التقاط الشخصيات الاستتثنائية  بل صار هدفه " اختيار الشخصيات النمطية " مع الحرص على إبراز عوالمها الباطنية .

·      محاور القصة :

1/المصدر الأول : الأركان القصصية .



أ/ الشخصيات . ب/ الأحداث . ج/ المكان . د / الزمان .



2/ المصدر الثاني : الأدوات القصصية :

أ/ السرد . ب/ الحوار . ج/ الوصف . د/ التحليل النفسي .





الركن الأول : الأحداث

·      كيف نفرق بين الأركان والأدوات ؟

·      الأركان هي المادة الخام التي صنع منها النص , والأدوات هي الرسائل التي يستخدمها القاص للتعبير عن النص .

·      ما الأحداث التي تقوم عليها القصة ؟

·      1/ الحدث الكبير : الوشاية . 2/ الجريمة : القتل .3/ القبض على المجرم . 4/ التحقيق . 5/ الاعتراف .6/ حكم الإعدام . 7/ تنفيذ الحكم .

-       هذه أهم الأحداث .

هل جاءت الأحداث مرتبة ترتيباً زمنياً ؟



لم تأت الأحدااث مرتبة ترتيباً زمنياً .



القصة تروي لنا أحداثاً  ولكنها لا تقدمها بحسب الترتيب الزمني ! , بل تركز على فترة زمنية معينة قصيرة مدارها على اللحظات الأخيرة في حياة عبد المتجلي قبل تنفيذ الحكم فيه .



·      الشخصيات : عبد المتجلي .

·      شخصيات ثانوية :  وتنقسم إلى قسمين : أ/ شخصيات حاضرة : مأمور السجن , الطبيب , وشرذمة من رجال الشرطة , والشخص الذي يتلو حكم الإعدام , والشبح الذي قابله باللحظات الأخيرة .

·      ب/ شخصيات غائبة : الواشي ( سعداوي ) الذي اعترف بذلك , صديق عبد المتجلي  ( القتيل ) , أخت عبد المتجلي ( ستيتة ) , القاضي , الأهلون , شرطة ورجال تحقيق , شاهد ,  ومحام ,  وحجّاب ,المأمور الذي قبض عليه , ووكيل النيابة الذي حقق معه و أدانه , والقاضي الذي أصدر حكمه فيه .

الشخصيات الثانوية الغائبة أكبر من الشخصيات الثانوية الحاضرة .



·      الفرق بين الشخصيات الجاهزة والمتطورة ؟

·      الشخصية الجاهزة لا تتطور بمرور الزمن , أما باقي الشخصيات فجاهزة .

·      تحول عبد المتجلي من الصلاح والاستقامة إلى الجريمة و العدوان , ظلّ متردداً موزّعاً ( شخصية إشكالية ) , يحاول يجد لنفسه عذراً , بين تبرئة " النفس " و إدانتها .

·      الزمان : فيه إشكال في هذا النص : لدينا زمن الأحداث و  زمن القصة .

·      زمن الأحداث : طويل نسبياً وهو غير محدد , يصور التجربة التي مر فيها عبد المتجلي منذ كان عزيز قومه , وعميد بلدته , ورجل الدين و "الدنيا" , من جمع الشريعة والسلطان , وهو شخصية ذات نفوذ وجاه , وحاكم مهيب الرأي , يفصل في المنازعات , وينزل العقوبات , دون أن يرد له نهي أو أمر .

·      و يستمر زمن الأحداث إلى نهاية حياة عبد المتجلي .

·      زمن القصة قصير : من قبيل الفجر إلى  ما بعد شروق الشمس . بدا زمناً نفسياً لا ميقاتياً , فالزمن الميقاتي يحسب بالدقائق .

·      الزمن بالقصة زمن نفسي , وهو ما يفسر انفتاح هذا الزمن القصير ميقاتيا على كامل حياة عبد المتجلي , وقد تحقق بذلك باعتماد طريقة " التذكر " التي مكنت الشخصية من استعادة الأحداث الماضية , وكأن هذه اللحظات الأخيرة من الحياة , اختزال حياته ( لحظة حساب ) .

·      كل زمن الأحداث تم اختصاره بالقصة .

·      المكان : المكان الرئيس هو السجن , فيه الزنزانة , ( حجرة فردية ) , و نجد أماكن أخرى , في السجن , ذكر أيضاً الدهليز .

·      سيق إلى حجرة فيها منصة .

·      هذا المكان يسوده الغموض  والظلام , لأنه مغلق .

·      قاعة المحاكمة . مخدع أخته . بلدته .( لم يذكر بها تفاصيل ) . و ذكر أنها بلدة صغيرة من بلدات الصعيد المصري .

·      نلاحظ ضبابية في الزمان والمكان .

·      لم يحدد الزمان بدقة  والمكان بدقة ؛ ولاحظ الشخصيات التي بلا أسماء .

·      نلاحظ أن تيمور  ترك الإطار الزماني والمكاني للأحداث مبهمين , فلم يحدد لها موقعاً  واضحاً عدا أنها من بلدات الصعيد , ولم يدقق في الفترة الزمنية , التي وقعت فيها الوقائع , وترك عددا من الشخصيات دون تسمية و دون وصف ! , وهذا الغموض  وىالإبهام يقومان بوظيفة محددة هي أن محمود تيمور كان يريد من خلالهما , أن يؤكد أنه لا يهتم بالواقع المحلي الضيق , بل يسعى إلى معالجة قضية إنسانية عامة , يمكن أن تطرأ على أي شخص , و في أي زمان و أي مكان , وهذا ما يؤكد إنتماء القصة إلى المرحلة التحليلية في مسار التجربة القصصية لمحمود تيمور .



·      الأدوات :



·      1/ السرد 2/ الحوار 3/ الوصف 4/ التحليل النفسي .



·      جاء السرد بضمير الغائب , فشخصية عبد المتجلي تبدو متحدثاً عنها ,فالنص يقدم راوياً مختلفاً عن الشخصية , و هذا الراوي يصف لنا ما يفعله و يفكر فيه عبد المتجلي , وتقوم الحبكة على تجميع الزمن في الساعات القليلة  التي سبقت تنفيذ حكم الإعدام في عبد المتجلي , ولكن هذا السرد ليس خطياً ( السرد الخطي يراعي تطور الزمن ) , لأن الراوي نقل إلينا أحداثاً ماضية وقعت خارج السجن , ودارت على الجريمة والتحقيق والمحاكمة .



·      وهذا ما نسميه المفارقات الزمنية  ( السرد ليس خطياً ) , وهذه المفارقات على نوعين : الأول : ( الارتداد ) الذي يتضح بالعودة إلى الماضي والتذكير بوشاية سعداوي , وما ترتب على ذلك من جريمة مزدوجة , وهذا الارتداد يتجلى في مراحل كثير من النص .



·      الثاني : الاستباق : وهو الحديث عن الشيء قبل وقوعه , ويظهر هذا في تلك الإشارات إلى حكم الإعدام , والإشارات إلى المستقبل .



·      الحوار : الحوار ليس لدينا في هذه القصة حوار مزدوج , أو عبارات حوارية متقطعة , أكثرها على لسان الشخصية , خاصة في الحوار الذاتي ( المونولوج ) بمعنى ( الشخصية تخاطب نفسها ) .



·      ص 387 مثلا يقول : " و أحب ان يتكلم بصوته الجهوري الحاد و أن يقول : ليس في طوق أحد أن ينالني بضر , فإذا بشفتيه تجمجمان ... " .



·      النص ينفتح على عالم الباطني للشخصية من خلال المونولوج , وهذا كثير في النص ,وهذا الحوار الباطني يتداخل والسرد , حتى أن صوت الراوي وصوت الشخصية يتداخل. هذا الحوار الباطني جعل القصة تقدم على نوع من الغموض الذي يتجلى في التماهي بين رؤية الراوي , ورؤية الشخصية .



·      الوصف : نلاحظ كثرة الوصف : وقائم على الغموض , "نحن" لا نرى الأشياء كما هي , وإنما نراها من خلال نفسية الشخصية . والغموض واضح في  النص , ( الضباب المتراكم , تشابكت في رأسه المشاهد , أبصر خلف الضباب الذي كان يغشى عينيه شبحاً يدنو منه ) . فالوصف ليس وصفاً للعالم الخارجي بل وف للعالم كما تراه  وتحس به الشخصية .



·      التحليل النفسي : نلاحظ أن هذا النص جاء بتصوير لحظة فارقة بين الحياة والموت , وقد عمد إلى التعمق في تحليل نفسية الرجل , فجاءت شخصية متمزقة ضائعة متألمة نادمة مطمئنة إلى قدرة الله سبحانه وتعالى و مضطربة و خائفة من النهاية المأساوية , لذلك قام هذا النص من جهة التحليل النفسي على :



·      1/ استبطان الشخصية : الغوص في مشاعرها وذكرياتها , وأحلامها , وذكرياتها , ومصائبها .



·      وهذا الاستبطان سمة من أبرز سمات الكتابة التحليلية القصصية عند تيمور في المرحلة التحليلية .



( محاضرة جامعية ) ....عام 1436هـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق