السبت، 3 أغسطس 2019

تخيل لو أنك بمكة بعصر الجاهلية .. مقال .

بسم الله الرحمن الرحيم.

مرحباً بالجميع . مقال جديد أتمنى ينال إعجابكم.




الزمان
: 150 سنة قبل بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- .

المكان
: الجزيرة العربية _ الحجاز _ مكة المكرمة .


الوضع السياسي : تشرذم وتفرّق القبائل العربية والصراعات السياسية والاقتصادية حول موارد العيش .


الوضع الديني :عبادة الأوثان والأصنام .




تخيل نفسك في تلك الفترة من الزمان , تعيش في مكة بين أعرق البيوت القرشية, فهناك بني هاشم ومنهم عبدالمطّلب سيد قريش وأبولهب , وهناك بني عبدالدار وبني مخزوم وبني تيم وغيرها من بطون قريش يعيشون بمكة ويعبدون الأصنام . وهو ما ألفته منذ صغرك ورأيته بعينك , فقد رأيت آبائك وأجدادك يعبدون الأصنام ويذبحون لها الذبائح ويطوفون حولها بل وتحج إليهم العرب كافّة من جميع أنحاء الجزيرة العربية . يحجون للكعبة ببلدك مكة , ويطوفون حول هذه الأصنام .

وقد تربيت على تعظيم هذه الأصنام وتقديسها والتبرُّك بها . ورأيت شيوخ قريش يجتمعون في دار الندوة يتناقشون حول أمور البيت الحرام والكعبة و ثارات العرب ومنافراتهم (خلافاتهم) ولا يقطعون أمراً إلا بعد ما يتم استشارة هذه الأصنام عبر عملية تسمى (الاستقسام بالأزلام).


وسمعت قصة أصحاب الفيل ؛ حيث حاول أبرهة الأشرم هدم الكعبة المشرفة وأرسل الله عليه طيراً أبابيل , رمتهم بحجارة من سجيل , فجعلتهم كعصفٍ مأكول , وهلكوا عن آخرهم . وزادت مكانة هذا البيت في قلبك


وسمعت قصة الذبيح عبدالله بن عبدالمطّلب وكيف أن أباه عبدالمطلب قد فداه بمئة من الإبل عشراً عشراً عند الأصنام.


ثم رأيت الوضع الاجتماعي في هذه البلد , فرأيت أن كبار القوم من قريش يعبدون هذه الأصنام ويقدرونها تقديراً عالياً , وتشاركهم أمر صناعة القرار في كل شؤون حياتهم , وأن رجالاً كعمر بن الخطاب , وأبي جهل ,و أبولهب , وأبو طالب , وأبوسفيان بن الحارث , وعتبة بن ربيعة , وغيرهم من كبار رجالات قريش المشار لهم بالبنان والعز والسمو وقدرهم في قريش وبطونها لا ينكره جاهل . فهم خُدَّام البيت وسدنته والقائمين بشؤونه وسمعتهم بين القبائل العربية مثل المسك.

وهؤلاء الكبار من قريش يسكنون بمكان اسمه (بطحاء مكة) وهي المنطقة المجاورة تماماً للكعبة المشرفة . وأما العبيد والضعفاء فهم يسكنون خارج هذه المنطقة بين أعالي الجبال . وكلّما قرب الرجل من الكعبة زادت مكانته الاجتماعية فهي دلالة على النفوذ وارتفاع المكانة بين أفراد المجتمع والعكس صحيح .


وعرفت كيف تميّز بين بطون قريش وأنسابهم , و أن بني هاشم قد اختصّوا برعاية البيت بشكل خاص , وبني أمية ازدهرت تجارهم وهم الأغنياء وأصحاب المال والنفوذ بين بقية البيوت القرشية.وبينهم تنافس عظيم في خدمة حجاج البيت الحرام

ورأيت أن موسم الحج موسم اقتصادي كبير , تقام في الطائف سوق عكاظ وفيه يُنشد الشعراء قصائدهم وتذكر مفاخرهم وتوثِّق مناسباتهم المختلفة وترعى قريش هذا السوق التجاري رعاية كاملة تستحق من خلالها تقدير العرب بكافة أنواعهم .



ثم ظهر فجأة رجل من بني هاشم اسمه محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب قرشي , وتعرف نسبه وصدقه وأمانته , يدعو لنبذ هذه الأصنام ويدعو لترك عبادتها وصرف النظر عنها والتوجه لله الخالق الواحد وتوحيده دون غيره بالعبادة . وتأمَّلت هذه الدعوة ووجدت أن كبار قريش قد عارضوه فيها , بل وقدّموا له ولأصحابه أصناف التنكيل والتعذيب , ورأيت أكثر اتباعه من الضعفاء والعبيد . بل ورأيت كبار قريش يصفونه تارةً بالشاعر وتارةً بالكاهن وأكثر الأحيان بالمجنون والسفيه . ووصل صيت دعوته للمدن المجاورة كالطائف ورماه سفهاء ثقيف بالحجارة . وأرسل كبار قريش رجالاً لبقية القبائل القادمة للحج ألاّ يسمعوا له ولا يؤمنوا بدعوته . بل وصل بهم إلى إغراء الشعراء الكبار أمثال الأعشى و دفع الأموال والإبل له ؛ لئلا يسمع من محمد ويمدحه بشعره الرائع ويذيع بين القبائل العربية .


كل هذه الأفكار وأنت تعيش فيما بينهم وترى بعينك وتسمع بأذنك
هذه الأحداث وعايشت بعض فصولها .



س : لو دُعيت -وقتها- إلى الإسلام وترك دين آبائك وأجدادك واتباع محمد -صلى الله عليه وسلم- .. أتقبل ؟؟.





أتمنى التفكير ملياً قبل الإجابة .



يسعدني سماع آرائكم ومداخلاتكم .




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق