قرأت بعض قصائد ديوان أبو فراس الحمداني وأعجبتني بعض قصائده ولا بأس من إيراد بعض الملاحظات على ديوانه
الذي شرحه خليل الدويهي ( دار الكتاب العربي ) .
- عم صباحاً و إن غدوت خلاءً ,,, من ظباءٍ يفضحن فيك ظباءَ .
قلتُ : ليس جديداً ظاهرة الوقوف على الطلل
والبكاء عليه ,,, الجديد التحية العربية الجاهلية ( عم صباحاً ) , والتي لها
مشتركات سامية عبرية والحرف (عم ) هو ما
نعنيه في ملاحظة صغيرة .
-
كان قضيباً له انحناء ..... و كان بدراً له
ضياءُ
و كان يحكي
الهلال وجهاً ... و الناس في حبه سواءُ
فزاده رباً
عذاراً ... تم به الحسن والبهاءُ
كذلك الله كل
وقت .... يزيد في الخلق ما يشاءُ .
قلتُ : ليست
الملاحظة الفرويدية بالشطر الأول فقط هي ما يميز الأبيات , بل معناه الجميل أيضأً
أن فتاته ممشوقة القوام . و استمر التشبيه بطريقته التقليدية و كانت محبوبته
كالبدر له ضياء , و أخذ الفعل يحكي بمعنى يشبه المحبوبة أيضا بالهلال محبوب من
جميع الناس .
-
هل كان
أبو فراس الحمداني يعاني من البرود ؟
الأبيات هي ما لاحظه المؤرخ الحريص على تتبع الشاعر العظيم " أبو فراس الحمداني " لا يهم المؤرخ
الذي يكره الادب و الشعر سوى هذه الملاحظة أما الصور الفنية فهي من اختصاص
الناقد ودائما ما تنازعا القضية ( لأن
الشاعر دائماً قضية بفنه الجميل ) .
-
رشأ
إذا لحظ الحبيب بنظرةٍ ..... كانت له سبباً إلى الفحشاءِ
وجناته تجني
على عشاقه .... ببديع ما فيها من اللألاءِ
بيضُ علتها
حمرة ٌ فتوردت ... مثل المدام خلطتها بالماء
فكأنما برزت
لنا بغلالةٍ .... بيضاء تحت غلالةٍ حمراءِ
كيف اتقاء
لحاظه و عيوننا ... طُرُقٌ لأسهمها إلى الأحشاءِ
كيف اتقاء
جآذرٍ يرميننا ... بظبى الصوارم من عيون ظباءِ
قلتُ: تستمر
الملاحظة الفرويدية مرة أخرى بتميز الشطر
( رشأ ) ويورد الشارح رأياً لا يستقيم معه المعنى ؛لأنه يقول أن الرشأ هو
ولد الظبية وهو صحيح معجمياً غلطٌ من ناحية
السياق وأرجح معنى التشبيه الفرويدي لأن المعنى يوصلنا أنه سبب إلى الفحشاء التي
يتوخاها الشاعر .
أما وصفه
للمحبوبة فواضح ظاهر لأنه تغزل بوجنتيها وما فيها من لمعان ( الآلاء ) , وهي ذات بشرة بيضاء عليها حمرة كأنما مزجت
الماء بالخمر ( بشرة وردية صافية ) ثم أكمل وصف ثيابها ( ارتدت غلالة بيضاء وهي ما
يلبس تحت الثوب من ملابس داخلية , ثم ارتدت فوقها لباساً أحمر ) زادها بهاء وحسنا
.
ثم هي جميلة
العينين ونظرتها كأنما هي سهم يتجه للأحشاء ,
وعيناها واسعتان جميلتان كعيني الجؤذر ورموشها أيضاً كالسيوف الصوارم ,
إذاً فاتنةٌ فتاة الشاعر وتلك هي أوصافها
و محاسنها
ثم وصف طبيعة
الشام ( سوريا) ببيت جميل آثرت الاحتفاظ به , و مجلس السمر والمؤانسة و تدوينه حيث يقول :
-
أنواع
زهر والتفاف حدائقٍ .....وصفاء ماءٍ واعتدال هواء
و خرائدٍ مثل الدمى
يسقيننا ... كأسين من لحظٍ و من صهباءٍ
و إذا أدرن على
الندامى كأسها .... غنيننا شعر ابن "
أوس الطائي "
إذا طبيعة مناسبه وجو عليل و فتاته (الخريدة
العذراء الحسناء ) تسقيه في مجلس غناء وسمر وطرب يتمتعون بشعر حبيب
الطائي ( أبو تمام ) , ولربما كان التشبيه
في وقتنا المعاصر بالحفلات الطربية في التلفاز هي أقرب ما يمكن تقريبه للقارئ في
وصف ذلك المجلس وهوائه العليل وفتياته الحسان
والكؤوس المدارة فيه وغنائهم الجميل .
و هذه الأبيات من جيد ما قرأت ونقلت في غزل جميل
ووصف للمحبوبة والمجلس .
-
والحديث
متصل ببعضه ( قراءة أبيات من ديوان أبي فراس الحمداني ) يصف الدنيا ببيتين جميلين
·
ألا
إنما الدنيا مطية راكب ,,, علا راكبوها ظهر أعوج أحدبا
شموسٌ متى
أعطتك طوعاً زمامها ,,,, فكن للأذى من عقها مترقبا
قلتُ :هي
الدنيا كأنها مطية الراكب وهنا ملاحظة
فرويدية أخرى تؤكد أن الفنان أبو فراس الحمداني من فحول الشعراء وأجودهم وصفاً
وتشبيهاً فهي ( الدابة ) شموس صعب قيادها
( والدابة هي البعير ) وأخالف رأي الشارح لأنه يقول ( الشموس من الخيل هي التي لا
تستقر ولا يمكن أحداً من ركوبه ) , ولربما كان عبارة ( أعوج أحدبا) هي الفاصل في
توضيح معنى البيت وترجيح أن مركوب الشاعر هو البعير.
أما الملاحظة
الفنية فابتداءه بالعبارة ( شموس ) وهي في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف في بلاغة تحسب وتسجل للشاعر أبي فراس .
ونواصل الحديث
في قراءة لمقتطفات من شعر أبي فراس وقراءةٍ في ديوانه
حيث يقول
-
احذر
مقاربة اللئام ! فإنه .... ينبيك عنهم في الأمور مجربُ
قومٌ , إذا
أيسرت كانوا أخوةً ,,, و إذا تربت تفرقوا وتجنبوا
اصبر على ريب
الزمان فإنه ,,, بالصبر تدرك كل ما تتطلبُ
قلتُ : و هي أبيات مباشرة في معناها وهذه هي صفة
اللئام الذين اختصرهم أبو فراس في بيتين ( فهم أصدقاء حال اليسر والثروة ,,, و أما
في حال الترب والفقر تفرقوا و ابتعدوا )
وهؤلاء من أحب وصفهم (بأصدقاء السلطة لا أصدقاء الإنسان )
و ملاحظة فنية متكررة هي ( حذف المبتدأ ) ورفع
الخبر ( قوم ) في تلميح واضح لهؤلاء الفئة زاد البيت روعةً فنية .
- دراسة لبعض أبيات أبي فراس الحمداني وللدراسة
بقية .
التاسع من ديسمبر 2017
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق