معارك طاش ما طاش
قراءة في ذهنية التحريم في المجتمع السعودي
المركز الثقافي العربي
بيروت 2007 .
يعد كتاب ( معارك طاش ما طاش " قراءة في ذهنية التحريم " ) من الكتب السهلة الممتنعة فكرياً , حيث تستعرض الكاتبة بدرية
البشر بقراءة اجتماعية / فكرية الأصداء التي دارت حول المسلسل الرمضاني الشهير طاش.
وتكمن إعادة قراءة الكتاب ومراجعة رؤاه الفكرية بشكل آخر حين " تبرد " ردود الأفعال الساخنة المؤيدة والمعارضة للمسلسل.
فنستفيد من هذه القراءة ونكتسب منها وعياً جديراً أن نتوقف أمامه طويلاًونقيم هذه التجربة بكافة جوانبها.
فالكاتبة باحثة اجتماعية سعودية , تبحث عن تعددية الآراء بالمجتمع السعودي , منوهةً أن الاختلاف أمر صحي , واصفةً صاحب
الرأي الأوحد " بالمأزوم " . حيث تعدُّ الكاتبة " رصد الردود الحادة حول العمل , والبحث عن جذورها " أهم بواعث تأليف الكتاب (ص5).
واختارت الكاتبة طاش دون غيره لعدة أسباب : أولها لأنه عمل كوميدي , يخفف الواقع المر , ويعكس هموم المواطن السعودي بلهجته وأحلامه,
وباللهجة المحلية ينافس الأعمال العربية التي اعتاد المشاهد السعودي رؤيتها , وأهمها تقسيمه الجمهور بين مؤيد ومعارض. (ص6).
وتبدأ الكاتبة محاولةً الحياد لتقديم المسلسل وأبطاله , مؤكدة صعوبة الحياد والحرج الكبير حول ملابسات الكتاب . واعتمدت
بشكل كامل على ردود وتقييم الصحافة المحلية السعودية حول المسلسل طوال 14 عام , مع المسلسل أو ضده , مؤكدة أن الدفاع عن العمل
لأجل الدفاع هو آخر أهدافها . وهو رأي " بعيد عن الأحكام " - على حد وصفها - متمنيةً أن يكون قريبا من قلب القارئ (ص7-8).
قسّمت الكاتبة الكتاب إلى ثلاثة فصول : الأول بعنوان " ذهنية التحريم ".
الفصل الأول : ذهنية التحريم
وتعني بالمصطلح " عقلية تتسم بالجمود والانغلاق , وهو جوهر الفكر الذي تتمحور حوله ذهنية التحريم " (ص16)
وتنفي الكاتبة أن التحريم بسبب الدين ؛ بل بسبب " التمسك الأعمى بأفكار وقيم ومبادئ تاريخية معينة " (ص17).
وتعقد مقارنة بينها وبين حركات سياسية متطرفة " لم يكن الدين باعث على تطرفها , كالنازية , والشيوعية , والماركسية"(ص17)
رابطة بين عقلية المتطرف وبين النتائج الملموسة من واقع تصرفاته فـ " هو سلوك سلبي يظهر على شكل تشدد وانغلاق جامد يرفض
الاستماع للطرف الآخر " , ونتيجة للنقاش " يضعون المخالف لهم في جهنم وبئس المصير". (ص17)
وتبين الكاتبة أن السلوك المتطرف يخلق ثقافة متطرفة وتعرف الثقافة المتطرفة أنها " ثقافة تعلي من شأن معين , أو قيمة معينة , على حساب أخرى
أكثر إنسانية ". (ص17) ثم تؤكد أهمية البيئة الاجتماعية التي تخلقها بعدة صور.
وتعود بالقارئ الكاتبة إلى بداية نشأة "ذهنية التحريم" مرجعةً أسبابها إلى تاريخ طويل من الصراع , ولظروف سياسية معينة أدت
" لتغييب سماحة الإسلام" .. لتحل محلها صورة تفرض سلطة ممثلي الدين " بالإكراه والقوة " (ص9)
تمضي الكاتبة طوال الفصل بطرح الأمثلة التاريخية ,لتوضيح الفكرة وتعميق الطرح بالأمثلة المنوعة لذهنية التحريم.
الفصل الثاني: طاش في عيون الصحافة
وبالفصل الثاني من كتابها ( معارك طاش ما طاش " قراءة في ذهنية التحريم " ) ترصد الكاتبة ردود فعل الصحافة السعودية حول المسلسل
تحت عنوان " طاش في عيون الصحافة ".
وتوثق متابعة الصحافة السعودية أولاً بأولاً حول المسلسل , والبدايات الرائعة له , ودعم المشاهد السعودي للمسلسل , الذي أحس أن العمل يتكلم باسمه , ويشرح قضاياه
وينقل همومه.
وتمضي في المسلسل الأيام منتقداً الجميع بداية من الدوائر الحكومية , فمشاكل الجيران , والعمالة , والفساد , وغيرها الكثير.
لينقلب حاله في سنينه الأخيرة ويلقى موجة من الانتقادات الحادة تناله نتيجة لتعرضه لشخصية المتلبس بلبوس الدين .
الفصل الثالث : معركة طاش ما طاش
أما الفصل الأخير المعنون " بمعركة طاش ما طاش "
فهو الفصل الأكثر سخونة في الكتاب , وتعرض رأي المؤسسة الدينية السعودية التي حرمت مشاهدة العمل بفتوى رسمية , ودعاء أئمة المساجد , وتوزيع المنشورات
على أبواب المساجد والمدارس , للتحذير من المسلسل ومشاهدته.
وتتعرض الكاتبة بشكل خاص لحلقات بعينها من المسلسل ؛ حيث تخدم هذه الحلقات فكرة " ذهنية التحريم" التي بُني الكتاب عليها.
فحلقة " بدون محرم " , التي تعرض لمشاكل المحرم وتعرضه لوضع المرأة السعودية , و حلقة " إرهاب أكاديمي " التي ناقشت فكر التفجير والتكفير ,
وكذلك " صالون الهيئة " المناقشة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
تمضي الكاتبة سيراً بحقل من الألغام تشرح وتوضح كيف تعمل " ذهنية التحريم " . وبداية مسلسل التشهير بأبطال العمل , والتحريض على قتلهم .
وتختم الكاتبة بأن ظاهرة تحريم طاش ما هي إلا " تبسيط لأزمة ثقافة ذهنية التحريم بالمجتمع السعودي " (ص149) , وردود
الفعل الحادة ماهي إلا " مؤشر ضمن مؤشرات أزمة التعبير وخنق ثقافة الاختلاف داخل المجتمع السعودي" (ص149).
وتوضح الكاتبة - بشكل عاطفي - أن الهجوم الكاسح من المؤسسة الدينية والمساجد والمنابر الدعوية جعل من طاش " رمزاَ من رموز الحرب على قوى الظلام والظلاميين ,
الذين يريدون شد المجتمع للوراء , وتعطيل تقدمه , ومحاربة التفكير" (ص155).
وتؤكد الكاتبة أن طاش حلقة من مسلسل قديم هو مسلسل ( مواجهة ذهنية التحريم في المجتمع السعودي) , وأن ذهنية التحريم باستعمالها قاعدة " التحريم هو الأصل"
تدافع عن حقوقها ومصالحها (ص155).
ورغم محاولة الباحثة التزام الحياد , فقد وقعت في فخ إطلاق الأحكام , حين التزمت بالدفاع التام عن المسلسل , رغم أن الباحث يتجرد من الآراء الشائعة و (آراءه الشخصية)
قبل الدخول لميدان البحث , وأود تنزيه الكاتبة من استغفال القارئ , لكنه الحماس والدفاع عن العمل الذي " جعلته آخر أهدافها".
ولوضع الكتاب في سياقه فقد كان تأليفه سنة 2007 م ؛ بوقت كان المسلسل في خضم المعركة بين مؤيد ومعارض .
وهو أمر جدير إبرازه حين نناقش بعض الأحكام الواردة فيه.
مُجملاً , الكتاب متوسط الجودة . يقع في 160 صفحة , لغته سهلة وواضحة , وأدلّة الكاتبة سردت بشكل منطقي متسلسل مراعية تاريخ المشكلة منذ بداياتها .
يحسب للكاتبة نقد التطرف , والشجاعة بتسليط الأضواء على ما أسمته " بذهنية التحريم ". فالسير في حقل الألغام شجاعة يجبن أمامها آلاف الشجعان.
خاتمة
"المنع لا يحد من الأفكار بل ربما أعاد بعثها . الأفكار التي نخاف منها علينا أن نقرأها ونناقشها وأن نزيل غشاوة الخوف والهلع
من المخالفين , وأصحاب الرؤى الأخرى . منع الفكرة أو الكتاب أو أي منتج فكري وفني وثقافي وأدبي لا يدمر تلك الأفكار بل يجعلها أكثر انتشاراً ويركز
الناس اهتمامهم بها بشكل أكبر . المنع يولد الفضول وحب الاستطلاع وقرارات المنع المتتالية تثبت ما أقوله. فلا تمنعوا شيئاً بل ناقشوا أي شيء."
من مقال صحفي بعنوان ( امنع ... تنشر ) .. جريدة الرياض 17 أكتوبر 2012
رابط تحميل الكتاب.
معارك طاش ما طاش
قراءة في ذهنية التحريم في المجتمع السعودي
المركز الثقافي العربي
بيروت 2007 .
يعد كتاب ( معارك طاش ما طاش " قراءة في ذهنية التحريم " ) من الكتب السهلة الممتنعة فكرياً , حيث تستعرض الكاتبة بدرية
البشر بقراءة اجتماعية / فكرية الأصداء التي دارت حول المسلسل الرمضاني الشهير طاش.
وتكمن إعادة قراءة الكتاب ومراجعة رؤاه الفكرية بشكل آخر حين " تبرد " ردود الأفعال الساخنة المؤيدة والمعارضة للمسلسل.
فنستفيد من هذه القراءة ونكتسب منها وعياً جديراً أن نتوقف أمامه طويلاًونقيم هذه التجربة بكافة جوانبها.
فالكاتبة باحثة اجتماعية سعودية , تبحث عن تعددية الآراء بالمجتمع السعودي , منوهةً أن الاختلاف أمر صحي , واصفةً صاحب
الرأي الأوحد " بالمأزوم " . حيث تعدُّ الكاتبة " رصد الردود الحادة حول العمل , والبحث عن جذورها " أهم بواعث تأليف الكتاب (ص5).
واختارت الكاتبة طاش دون غيره لعدة أسباب : أولها لأنه عمل كوميدي , يخفف الواقع المر , ويعكس هموم المواطن السعودي بلهجته وأحلامه,
وباللهجة المحلية ينافس الأعمال العربية التي اعتاد المشاهد السعودي رؤيتها , وأهمها تقسيمه الجمهور بين مؤيد ومعارض. (ص6).
وتبدأ الكاتبة محاولةً الحياد لتقديم المسلسل وأبطاله , مؤكدة صعوبة الحياد والحرج الكبير حول ملابسات الكتاب . واعتمدت
بشكل كامل على ردود وتقييم الصحافة المحلية السعودية حول المسلسل طوال 14 عام , مع المسلسل أو ضده , مؤكدة أن الدفاع عن العمل
لأجل الدفاع هو آخر أهدافها . وهو رأي " بعيد عن الأحكام " - على حد وصفها - متمنيةً أن يكون قريبا من قلب القارئ (ص7-8).
قسّمت الكاتبة الكتاب إلى ثلاثة فصول : الأول بعنوان " ذهنية التحريم ".
الفصل الأول : ذهنية التحريم
وتعني بالمصطلح " عقلية تتسم بالجمود والانغلاق , وهو جوهر الفكر الذي تتمحور حوله ذهنية التحريم " (ص16)
وتنفي الكاتبة أن التحريم بسبب الدين ؛ بل بسبب " التمسك الأعمى بأفكار وقيم ومبادئ تاريخية معينة " (ص17).
وتعقد مقارنة بينها وبين حركات سياسية متطرفة " لم يكن الدين باعث على تطرفها , كالنازية , والشيوعية , والماركسية"(ص17)
رابطة بين عقلية المتطرف وبين النتائج الملموسة من واقع تصرفاته فـ " هو سلوك سلبي يظهر على شكل تشدد وانغلاق جامد يرفض
الاستماع للطرف الآخر " , ونتيجة للنقاش " يضعون المخالف لهم في جهنم وبئس المصير". (ص17)
وتبين الكاتبة أن السلوك المتطرف يخلق ثقافة متطرفة وتعرف الثقافة المتطرفة أنها " ثقافة تعلي من شأن معين , أو قيمة معينة , على حساب أخرى
أكثر إنسانية ". (ص17) ثم تؤكد أهمية البيئة الاجتماعية التي تخلقها بعدة صور.
وتعود بالقارئ الكاتبة إلى بداية نشأة "ذهنية التحريم" مرجعةً أسبابها إلى تاريخ طويل من الصراع , ولظروف سياسية معينة أدت
" لتغييب سماحة الإسلام" .. لتحل محلها صورة تفرض سلطة ممثلي الدين " بالإكراه والقوة " (ص9)
تمضي الكاتبة طوال الفصل بطرح الأمثلة التاريخية ,لتوضيح الفكرة وتعميق الطرح بالأمثلة المنوعة لذهنية التحريم.
الفصل الثاني: طاش في عيون الصحافة
وبالفصل الثاني من كتابها ( معارك طاش ما طاش " قراءة في ذهنية التحريم " ) ترصد الكاتبة ردود فعل الصحافة السعودية حول المسلسل
تحت عنوان " طاش في عيون الصحافة ".
وتوثق متابعة الصحافة السعودية أولاً بأولاً حول المسلسل , والبدايات الرائعة له , ودعم المشاهد السعودي للمسلسل , الذي أحس أن العمل يتكلم باسمه , ويشرح قضاياه
وينقل همومه.
وتمضي في المسلسل الأيام منتقداً الجميع بداية من الدوائر الحكومية , فمشاكل الجيران , والعمالة , والفساد , وغيرها الكثير.
لينقلب حاله في سنينه الأخيرة ويلقى موجة من الانتقادات الحادة تناله نتيجة لتعرضه لشخصية المتلبس بلبوس الدين .
الفصل الثالث : معركة طاش ما طاش
أما الفصل الأخير المعنون " بمعركة طاش ما طاش "
فهو الفصل الأكثر سخونة في الكتاب , وتعرض رأي المؤسسة الدينية السعودية التي حرمت مشاهدة العمل بفتوى رسمية , ودعاء أئمة المساجد , وتوزيع المنشورات
على أبواب المساجد والمدارس , للتحذير من المسلسل ومشاهدته.
وتتعرض الكاتبة بشكل خاص لحلقات بعينها من المسلسل ؛ حيث تخدم هذه الحلقات فكرة " ذهنية التحريم" التي بُني الكتاب عليها.
فحلقة " بدون محرم " , التي تعرض لمشاكل المحرم وتعرضه لوضع المرأة السعودية , و حلقة " إرهاب أكاديمي " التي ناقشت فكر التفجير والتكفير ,
وكذلك " صالون الهيئة " المناقشة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
تمضي الكاتبة سيراً بحقل من الألغام تشرح وتوضح كيف تعمل " ذهنية التحريم " . وبداية مسلسل التشهير بأبطال العمل , والتحريض على قتلهم .
وتختم الكاتبة بأن ظاهرة تحريم طاش ما هي إلا " تبسيط لأزمة ثقافة ذهنية التحريم بالمجتمع السعودي " (ص149) , وردود
الفعل الحادة ماهي إلا " مؤشر ضمن مؤشرات أزمة التعبير وخنق ثقافة الاختلاف داخل المجتمع السعودي" (ص149).
وتوضح الكاتبة - بشكل عاطفي - أن الهجوم الكاسح من المؤسسة الدينية والمساجد والمنابر الدعوية جعل من طاش " رمزاَ من رموز الحرب على قوى الظلام والظلاميين ,
الذين يريدون شد المجتمع للوراء , وتعطيل تقدمه , ومحاربة التفكير" (ص155).
وتؤكد الكاتبة أن طاش حلقة من مسلسل قديم هو مسلسل ( مواجهة ذهنية التحريم في المجتمع السعودي) , وأن ذهنية التحريم باستعمالها قاعدة " التحريم هو الأصل"
تدافع عن حقوقها ومصالحها (ص155).
ورغم محاولة الباحثة التزام الحياد , فقد وقعت في فخ إطلاق الأحكام , حين التزمت بالدفاع التام عن المسلسل , رغم أن الباحث يتجرد من الآراء الشائعة و (آراءه الشخصية)
قبل الدخول لميدان البحث , وأود تنزيه الكاتبة من استغفال القارئ , لكنه الحماس والدفاع عن العمل الذي " جعلته آخر أهدافها".
ولوضع الكتاب في سياقه فقد كان تأليفه سنة 2007 م ؛ بوقت كان المسلسل في خضم المعركة بين مؤيد ومعارض .
وهو أمر جدير إبرازه حين نناقش بعض الأحكام الواردة فيه.
مُجملاً , الكتاب متوسط الجودة . يقع في 160 صفحة , لغته سهلة وواضحة , وأدلّة الكاتبة سردت بشكل منطقي متسلسل مراعية تاريخ المشكلة منذ بداياتها .
يحسب للكاتبة نقد التطرف , والشجاعة بتسليط الأضواء على ما أسمته " بذهنية التحريم ". فالسير في حقل الألغام شجاعة يجبن أمامها آلاف الشجعان.
خاتمة
"المنع لا يحد من الأفكار بل ربما أعاد بعثها . الأفكار التي نخاف منها علينا أن نقرأها ونناقشها وأن نزيل غشاوة الخوف والهلع
من المخالفين , وأصحاب الرؤى الأخرى . منع الفكرة أو الكتاب أو أي منتج فكري وفني وثقافي وأدبي لا يدمر تلك الأفكار بل يجعلها أكثر انتشاراً ويركز
الناس اهتمامهم بها بشكل أكبر . المنع يولد الفضول وحب الاستطلاع وقرارات المنع المتتالية تثبت ما أقوله. فلا تمنعوا شيئاً بل ناقشوا أي شيء."
من مقال صحفي بعنوان ( امنع ... تنشر ) .. جريدة الرياض 17 أكتوبر 2012
رابط تحميل الكتاب.
معارك طاش ما طاش